{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)}.التفسير:فى تعداد هذه النعم التي تفضل اللّه بها على بنى إسرائيل ما يوحى بأن فضل اللّه مقصور على جماعة بعينها من خلقه، بل ربما أثار ذلك في بنى إسرائيل شعورا بالتعالي على الناس، كما سوّلت لهم بذلك أنفسهم، وانطبع به سلوكهم في الحياة!.وتلك ضلالة وافتراء عظيم على اللّه، فالخلق جميعا خلق اللّه، والناس كلهم عباده، خلقهم جميعا من نفس واحدة، فكيف يكون بينهم تفاضل عنده، بغير ما يستوجب الفضل، ولا فضل إلا بالعمل الذي تختلف به موازين الناس. وتتباين به منازلهم عند اللّه؟فالذين آمنوا، أي الذين سبقوا بالإيمان ليس لهم أن يستأثروا برحمة اللّه، وأن يحجبوها عن عباده الذين لم يؤمنوا بعد- بل رحمة اللّه واسعة، وسعت كل شىء، وباب القبول للدخول في رحابه مفتوح لكل قاصد!.فأى إنسان- على أية ملّة، وعلى أي دين- هو مدعوّ إلى رحاب اللّه، فإن استجاب، وآمن باللّه واليوم الآخر، وعمل صالحا، فله أجره عند اللّه، يوفّاه كاملا، كما يوفّاه المؤمنون جميعا، من كل أمة، ومن كل جنس! وهؤلاء المؤمنون جميعا- سابقهم ولاحقهم- لا خوف عليهم مما ينتظرهم من جزاء في الآخرة، ولا حزن لما فاتهم من طاعات حين لم يسبقوا إلى الإيمان، فالإيمان يجبّ ما قبله!. وفى هذا ما فيه من رحمة واسعة من اللّه على عباده، واستنقاذ لمن قصّروا وفرطوا، ثم أرادوا أن يلحقوا أو يسبقوا.